الأخبار الاحدث

انعقاد الاجتماع السنوي الثاني عشر للمجلس العالمي للحلال

انعقد الاجتماع السنوي الثاني عشر في مدينة  كاب تاون في جنوب أفريقيا، وقد حضر الاجتماع مملين عن أعضاء عن المجلس العالمي للحلال وقد قام الدكتور حسين كامي بويوك أوزير رئيس مؤسسة جيمدس وراعي المجلس العالمي للحلال بإلقاء كلمة هناك ، ونظراً لأهميتها فإننا ننشرها وقد كانت كالآتي

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوتي الأعزاء

تعيش الأمة الإسلامية منذ أكثر من قرن بدون قائد، لذا قامت بعض المؤسسات الإسلامية من دول مختلفة من أجل توحيد جهودها في مجال الغذاء الحلال تحت مظلة المجلس العالمي للحلال وهذا ما يجعلني أفكر بشكل إيجابي بأن تلك الجهود لن تضيع. لذا أتوجه بالدعاء لأخوتي الأعزاء وأشكر الله على هذا. إن كل الجهود والخدمات التي تقدمونها لأمتنا الإسلامية هي في غاية الأهمية، أسأل الله تعالى أن يجزيكم خير الجزاء.

إن هيمنة الامبريالية والمادية التي يقودها الغرب والتي بدأت منذ 100 عام لم تعد مؤثرة على المؤمنين كما كانت من قبل. لقد تغير العالم، ولم يعد مستعمراً كما كان من قبل. لقد استيقظ المارد من سباته، والأرض تتزلزل من تحت أقدام الامبريالية. ألا يزالوا غير مدركين ذلك؟ النظام العالمي الجيد يقترب، فمتى سيعودون لرشدهم؟

مع الأسف، فإننا نشهد من وقت لآخر بعض الحالات المحرجة فيما يخص شهادات الحلال. جميعنا يتذكر القصص المثيرة للاشمئزاز والتي يتداولها الإعلام الغربي مثل “وجد لحم الخنزير في السجق الحاصل على شهادة الحلال” أو “وجود لحم حصان في أغذية حاصلة على شهادة الحلال في المدارس” أو “وجود لحم خنزير في أغذية حاصلة على شهادة الحلال لشركة ما”. ليس من المسموح لمسلم أن يتعدى ويسيء لنظام الحلال وأن يستغله. على أي حال يجب علينا كمسلمين ألا نبقى ساكتين حيال مثل هذه الأحداث.

قضية الغذاء الحلال في الوقت الراهن، شأنها كشأن القضايا الاستراتيجية الأخرى، مهمة جداً ويجب عدم تجاهلها ما يجب اعطاءها اهتماما كبيرا. وكحقيقة لا مفر منها إذا لم يكن لديك أسلحة لمواجهة العالم وعصاباته ففي النهاية ستكون مستعبداً من قبلهم. إن وجود فكرة استهلاك غذاء حرام أو مشبوه هو أمر يرتبط بمستقبل أمة.

لذا فالغذاء الحلال هو هام كما هو الحال بالنسبة للماء والهواء والتي تعتبر عناصر لا يمكن الاستغناء عنها، حتى أن الغذاء غير الحلال ممكن أن يضيع آخرته للأبد. إنه الوقت من أجل تحمل المسؤولية لفهم واجبات أن نغذي أنفسنا بالطعام الحلال الطيب من أجل مصلحتنا في الدنيا والآخرة.

إنها مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المؤسسات المانحة لشهادات الحلال. فجزاء ما تفعله سيكون من الله تعالى مباشرة. أدعو الأخوة الأعضاء في مجلس الحلال العالمي لأن يتفكروا ويتأملوا. من أجل أن تستعيد أمتنا وعيها وتصبح أمة قوية، يجب أن تجعل حياتها اليومية كلها حلال. والخطوة الأولى التي يجب أن تتخذ هو أن يغذوا أنفسهم بالطعام الحلال الطيب.

أرجو أن نتذكر (إنما المسلمون إخوة) وأن يبقى هذا الاعتبار فوق كل المصالح الفردية والوطنية. هذا يعني أننا مسؤولون أيضاً عن بعضنا البعض. فإذا رأيت خطأ بدر مني فيجب عليك أن تنبهني ويجب علي أن أفعل الأمر ذاته. يجب علينا أن نبقى متحدين تحت هذا السقف.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

قال صلى الله عليه وسلم (الْمُؤْمِنُ مَرْآةُ أَخِيهِ، وَالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ، يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ)

وعن أبي عبد الله النعـمان بن بشير رضي الله عـنهما قـال: سمعـت رسـول الله صلي الله عـليه وسلم يقول: (إن الحلال بين وإن الحـرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعـلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فـقـد استبرأ لديـنه وعـرضه ومن وقع في الشبهات وقـع في الحرام كـالراعي يـرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجـسد مضغة إذا صلحـت صلح الجسد كله وإذا فـسـدت فـسـد الجسـد كـلـه ألا وهي الـقـلب).

يجب أن يعمل المجلس العالمي للحلال بشكل مثالي وأن يكون أفضل نموذج في حد ذاته سواء على مستوى الأفراد أو المنظمات. الآخرون سينظرون إلى المجلس العالمي للحلال وسيتمنون أن يكونوا مثلنا. معاييرنا يجب أن تكون بعيدة عن أي شبهة ويجب أن تكون صارمة قدر الإمكان.

الحلال هو مصطلح إسلامي خالص وهو يخص المسلمين وحدهم. الحلال ليس مسألة تقنية فحسب حيث يستطيع غير المسلمين أن يضعوا لها مقاييس وصيغ وقوانين كما يرغبون. المسلمون لديهم واجبات تجاه الله تعالى. وقد وضع الله تعالى القواعد الضرورية والقوانين بشكل واضح. كما تعلمون فإن بعض المؤسسات غير الإسلامية يقومون بمشاريع من أجل معايير الحلال للمنتجات الحلال في أوروبا. وقد مرروا قوانين في المجالس النيابية بدون استشارة المسلمين. وهذا الأمر غير مقبول بالنسبة لنا.

أيها الأخوة، يجب أن نعتبر أن المجلس العالمي للحلال هو العنوان الوحيد والذي تراجع فيه مسائل الحلال وتتخذ القرارات تجاهها. لهذا السبب المجلس العالمي للحلال يجب أن يكون قوياً ومتحداً. لهذا فإن المجلس العالمي للحلال يجب أن يبقى بعيداً عن القيل والقال وعن أي شيء ممكن أن يسبب فتنة. يجب أن يبني أعضائنا علاقات قوية مع المؤسسات الموثوقة المانحة لشهادات الحلال من أجل أن نحمي حقوق المسلمين. يجب ألا نفكر بشكل سطحي. ويجب ألا نكون كأعضاء فقط لديهم الحق في استخدام شعار المجلس العالمي للحلال. إذا كنت عضواً في المجلس العالمي للحلال فيجب عليك أن تنهض وأن تفعل شيئاً لأخوتك المسلمين، فالخمول والصمت غير مجدي.

نحن نخدم المسلمين في البلدان التي نعيش فيها. ولكن لدينا مسؤوليات إضافية كأعضاء في المجلس العالمي للحلال.

أريد أن أسأل مرة أخرى ماذا يجب أن نفعل؟ لماذا أسسنا المجلس العالمي للحلال؟ كيف نريد أن نقدم أعمالنا إلى الله؟ أرجو اسألوا هذه الأسئلة لأنفسكم.

أيها الأخوة، سأعطيكم مفتاحاً فلإجابة عن هذا الاستفسار: هدفنا ليس مساعدة المنتجين الذين يسعون جاهدين من أجل تصدير منتجاتهم إلى الدول الإسلامية. مهمتنا هي أن نخدم المسلمين. من أجل نقوم بهذا يجب أن نكون صارمين قدر الإمكان من أجل أن نساعد المسلمين الملتزمين بدينهم أن يتناولوا الطعام الحلال بدون أدنى شبهة. ماذا يعني هذا؟ هذا يعني أنه يجب علينا أن نكون صارمين جداً وألا نسمح باستخدام أي مادة مشبوهة، ويجب ألا نأخذ بالفتوى السهلة؟

الأمر نفسه ينطبق على القوانين والأنظمة في بلد ما، سواء مسلم أو غير مسلم، لا يهم. في حال أقر بلد ما قانوناً والذي هو ضد الحياة الإسلامية، فيجب علينا أن نحتج ويجب عدم الامتثال له. لننظر إلى هولندا: فقد أقروا تلك القوانين السخيفة لقتل الحيوانات عن طريق الغاز أو الكهرباء وهدفهم الوحيد هو الحد من التكاليف الصناعية. انهم لا يهتمون لتلبية احتياجاتنا الدينية. في مثل هذه الحالة، فإن المؤسسة المانحة لشهادة الحلال يجب أن تتوقف عن منح شهادة الحلال في ذلك البلد وفقاً لهذا القانون. ويجب ألا تقول المؤسسة المانحة للحلال أنها يجب عليها أن تتبع تشريعات الدول التي توجد فيها.

مثال آخر أكثر حيوية ألا وهو الذبح الميكانيكي؟ نحن نعلم جميعا الآن أنه ليس هناك حاجة للذبح الميكانيكي وأن طرق الذبح الميكانيكية ليست مقبولة من قبل العديد من العلماء. فما هو السبب وراء الإصرار على استخدام الوسائل الميكانيكية؟ على أي حال، فإنه يجب على المسلم المتدين الابتعاد عن الذبح الميكانيكي للدجاج.

أو يمكننا أن نذكر الجيلاتين كمثال آخر، والذي هو الصداع الحقيقي السيء للمؤسسات المانحة للحلال. أيها الأخوة كان من الممكن وهو الآن من الممكن انتاج منتجات ذات جودة عالية بدون جيلاتين. عندما تقبل الجيلاتين فإنك تساعد المنتجين غير المسلمين وتغذي المسلمين بمنتجات مشبوهة. يجب أن نتذكر دائماً هدفنا هو خدمة المسلم الملتزم بدينه، والذي لا يريد أن يأكل أي منتج يحوي على الجيلاتين.

هدفنا يجب أن يكون خدمة المسلمين أكثر منه خدمة الصناعة والتجارة. بالتأكيد يمكننا مساعدة الناس من أجل تطوير خلطات جديدة عن طريق توضيح ما يمكنهم استخدامه وما يمكنهم فعله. يمكننا أن نعلمهم طرق الإنتاج الحلال والخدمات الحلال وطريقة حياة الحلال. هذه هي مسؤوليتنا. لا يمكننا ولا يجب علينا أن نجلس في مكاتبنا وننتظر من أجل طلب بشهادة الحلال.

لا تقل لي أنك لا تعرف كيف تفعل هذا أو ذاك، فيجب أن يكون لدى جميع أعضاء المجلس العالمي للحلال عدد كاف من الموظفين المؤهلين الذين يستطيعون القيام بالبحث ويساعدون المنتج في احتياجاتهم. لذا عندما يأتي أي استفسار يجب أن نكون جاهزين من أجل الإجابة على الاستفسار. حيث يمكننا أن نقوم بالبحث من الناحية التقنية ومن ثم استشارة علماء الفقه.

ولكن إذا كنت مصِّر على أن تدير العملية من قبل شخص واحد أو من غرفة النوم بدون مكتب، فلن يمكنك أن تقوم بهذا الأمر وستكون مسؤوليتك مرة أخرى بأنك لن تستطيع أن تقوم بهذا العمل بشكل صحيح.

لنتذكر مرة أخرى: منح شهادات الحلال يتطلب عمل جاد حقيقي، ويتطلب مراقبين خبراء وماهرين يعملون بدوام كامل، وبالطبع فريق تقني، وفقهاء معتبرين يستطيعون التعامل مع المسائل الفقهية. إذا أدرت العمل بدون هذا الفريق، فيمكنك أن تظن أنك تستطيع الحصول على بعض المال بسهولة، ولكنك ستخسر آخرتك. يمكنك أن تخدع المسلمين البسطاء الفقراء لكنك لن تستطيع أن تخدع الله عز وجل.

أيها الأخوة، كأعضاء للمجلس العالمي للحلال، يجب أن تكون منظمتنا مثالية ويجب أن نكون مثالاً جيداً لمؤسسات الحلال الأخرى وللصناعة.

العديد من الشركات العالمية تسألنا من أجل ننصهم حول بعض الأمور التقنية في مسائل الحلال وقد أرشدناهم للطريق الصحيح. وأقولها بفخر أننا قمنا بإقناعهم لتغيير خلطاتهم بإلغاء بعض المكونات ذات الإشكالية من منتجاتهم.

لا تخشى من صاحب الشركة التي تريد شهادة الحلال. إذا كنت تعتقد أنك أقوى فإن الله سيعينك على ذلك.

أسأل الله تعالى أن يهدينا إلى الطريق المستقيم.

وفي الختام أريد أن أنهي كلمتي بقوله تعالى:

(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جميعا وَلَا تَفَرَّقُواۖ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّٰهِ عَلَيْكُمْ اِذْ كُنْتُمْ اَعْدَٓاءً فَاَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَاَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِه۪ٓ اِخْوَاناًۚ وَكُنْتُمْ عَلٰى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَاَنْقَذَكُمْ مِنْهَاۜ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ اللّٰهُ لَكُمْ آياته۪ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).

والحمد لله رب العالمين.

 

د.حسين كامي بويوك أوزير

رئيس مؤسسة جيمدس

راعي المجلس العالمي للحلال